العمر ليس سوى رقم

رأيتها في أحد الشوارع، تتقدم ببطء وثقل. كانت تبدو وكأنها تحمل على كاهلها عبئًا ثقيلاً من السنين الماضية. كانت تسحب خطاها بحذر، كأنها تخشى أن تفقد توازنها، وتسقط على الأرض.

وجهها كان مليئًا بالتجاعيد والخطوط العميقة، كأنها خريطة لحكاياتها الطويلة والمليئة بالتحديات. عيناها كانت تحمل في طياتها حكاية حزن وصبر، ولكن في الوقت ذاته تنبض بالحياة والأمل.

كانت ترتدي ثوبًا قديمًا ومتهالكًا، ولكنها كانت تحمل في طياته قصة عن البساطة والتواضع. كانت تمسك بعصا خشبية لتساعدها على تحمل عبء السنين، وكأنها ترمز إلى قوتها الداخلية وإصرارها على مواجهة التحديات.

وفي كل خطوة تخطوها، كانت تبث في الجو رائحة الحكمة والتجربة. كانت تمر بجانب الناس، دون أن تلتفت إليهم، فقد كانت مشغولة بمحاولة تجاوز العقبات التي تعترض طريقها. كانت تبدو واثقة وقوية، على الرغم من ثقل السنين الذي يعترضها.

رأيتها في السبعين من عمرها، ولكن لم يكن عمرها هو ما يعرفه العالم بالعمر. فقد كانت تحمل في داخلها روحًا شابة وحيوية، تنبض بالشغف والإصرار على العيش بكل ما تبقى من أيامها.

في تلك اللحظة، شعرت بالإلهام والتأمل. فقد أدركت أن العمر ليس مجرد رقم يحدد قوة الإنسان أو ضعفه، بل هو مجرد رحلة تمتلئ بالتحديات والتجارب. وأن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على مواجهة هذه التحديات والتعامل معها بجرأة وصبر.

في تلك اللحظة، قررت أن أتعلم من هذه المرأة العجوز. قررت أن أتبنى قوتها وصبرها، وأن أعيش حياتي بكل شغف وإصرار. قررت أن أتذكر أن العمر ليس سوى رقم، وأن الحقيقة تكمن في الروح والعزيمة.