الصبر طيب
الصبر، هذا الرصيد الخفي الذي نحمله في أعماق أرواحنا، هو المعلم الهادئ الذي يهمس في أذن الحياة بألا شيء يدوم على حاله. الصبر ليس استسلامًا ولا خضوعًا، بل هو شجاعة بثوب الصمت، وقوة تلملم شتاتنا حين ينهار كل شيء من حولنا. إنه تلك اللحظة التي يبدو فيها الأفق ضبابيًا والمستقبل مجهولًا، ومع ذلك نجد أنفسنا نخطو إلى الأمام بثبات، مؤمنين أن النور سيأتي بعد الظلمة.
الصبر طيب... نعم، لأنه يمنح قلوبنا فرصة التداوي من أوجاعها دون استعجال، كتربة خصبة تنتظر البذور لتنمو دون أن تضغط على الوقت. بالصبر نتعلم كيف ننتظر بشغف، وكيف نستعد لاستقبال الخير حتى لو تأخر. فليس كل ما تأخر فاسد، بل ربما كان التأخير هديّة ملفوفة بالحكمة.
حين تتساقط علينا الهموم كالمطر، ونشعر أن ثقل الأيام يطوق أعناقنا، يأتي الصبر ليقول: "لا بأس، هناك غد يحمل حلولًا لم ترها اليوم". هو الذي يذكّرنا أن الألم عابر، حتى وإن طال، وأن شمس الفرح ستشرق؛ لأنها ببساطة لم تُخلق لتغيب أبدًا.
الصبر طيب لأنه يعلمنا الرضا، ليس بمعنى القبول بالقليل، بل بمعنى التمسك بالأمل مهما كان الطريق موحشًا. يعلمنا أن نحمل أعباءنا بابتسامة، وأن نحفر فرحنا بيدينا مهما بدت الأيادي فارغة.
بالصبر، نصبح كأشجار الزيتون، صامدة في وجه الرياح، واقفة على هذه الأرض بثقة، مثمرة ولو بعد حين. فلتصبر... لأن الصبر طيب