Image
مجرد بوح - مدونة شخصية
الرئيسية
الرئيسية
من انا
من انا
نصوص
نصوص
متجر
متجر
اتصل بي
اتصل بي
Dec 08, 2024 12:07:05 PM

حكايات في صالات الانتظار

نحن في الحياة مثل هذه المطارات، غرباء دائماً، ننتظر رحلاتنا القادمة، ولا ندري متى سيحين موعد الرحيل. كل وجه مألوفٍ فيها عابر، وكل ابتسامةٍ صدفةٌ مؤقتة، تترك أثراً خفيفاً كظلٍ على أرضيةٍ من الرخام البارد.

 

المطارات مليئة بالوجوه التي تحمل أحلامها في حقائب صغيرة، بعضها مثقل بالذكريات وبعضها الآخر فارغٌ ينتظر أن يُملأ. ترى في العيون نظرات متوترة أحياناً، وأخرى واثقة، وثالثة تشرد في أفق لا حدود له. لكنها جميعاً تتشارك شيئاً واحداً: الانتظار.

 

وكذلك نحن، نحمل أمتعة العمر على أكتافنا، نسافر من محطة إلى أخرى، نلتقي بأشخاص نشعر بأنهم جزء من حياتنا، لكنهم ما يلبثون أن يرحلوا. نفرح أحياناً بالوصول، ثم نكتشف أن الوجهة الجديدة ليست سوى بداية لرحلة أخرى، ومحطة لا تختلف كثيراً عن سابقاتها.

 

وفي زحمة الحياة، مثلما في زحمة المطارات، نفكر في الرحلة القادمة، نشغل أذهاننا بالتفاصيل، وننسى أن نستمتع بلحظة الوجود في هذه اللحظة العابرة. نُجهد أنفسنا بالخطط، بالخوف من التأخير، وبالقلق من فقدان الطريق، دون أن ندرك أن كل الرحلات قد تنتهي فجأة، بلا سابق إنذار.

 

المطار يعلّمنا دروساً خفية: أن الغريب قد يكون صديقاً، وأن الفراق قد يكون بداية جديدة، وأن الانتظار ليس دائماً عبئاً، بل هو فرصة للتأمل، للتفكير، وربما لاكتشاف أنفسنا.

 

وفي النهاية، نحن مثل هذه المطارات، نتسع للكثير، نضيق ببعض الأحيان، لكننا نظل ننتظر… حتى يحين موعد الرحيل الذي لا تسبقه تنبيهات، ولا يعلنه صوتٌ في الميكروفون.

Imageمجرد بوح - مدونة شخصية
الرئيسيةمن انانصوصمتجراتصل بي
Privacy Policy
Terms & Conditions
© Copyright 2024, All Rights Reserved by مجرد بوح - مدونة شخصية