أحلام مؤجلة
تتراكم الأحلام على رفوف القلب ككتبٍ منسية، كل صفحة فيها تحمل أمنية، وكل سطر ينزف شوقًا لتحقيق ما تأجّل. في زحمة الأيام، صارت الأحلام حكايات تُروى للنفس في ساعات الوحدة، تُذكّرها بأنّ ثمة ما يستحق الانتظار.
لكن، إلى متى الانتظار؟
هل تنتظر الأحلام حتى يصير الوقت مناسبًا؟ أم أنّ الوقت نفسه قد نسيها؟
هناك حلمٌ صغير، مثل زهرة متفتحة، وُضع جانبًا على وعدٍ بأن يُقتطف في ربيع العمر. لكن مرّ الربيع وتبعه صيف وخريف، حتى صار الحلم ورقة ذابلة، تنتظر ريحًا تعيد لها الحياة أو تطويها للأبد.
وأحلام أخرى، ما زالت تنبض برغبةٍ خجولة، ترنو إلى سماءٍ أوسع، إلى فضاءٍ لا يحدّه الخوف أو الأعذار. لكنها تخشى أن تُنكرها الأقدار، أن تخذلها الأقدام التي لا تقوى على السير نحوها.
“سأعود إليكِ لاحقًا”، نقول لأحلامنا، فنُطعمها وعودًا جوفاء ونسير مبتعدين. لكنها لا ترحل، تبقى هناك، تنتظر بصبرٍ قد يكون أعظم من صبرنا.
يا لها من مفارقة، أن تكون الأحلام المؤجلة هي أصدق ما فينا، ومع ذلك نتركها معلقة بين الحياة والموت، بين الرجاء والخذلان.
ربما يومًا ما، حين يتسع صدر الوقت، وحين يهدأ ضجيج الأعذار، سنمد أيدينا لنقطف تلك الأحلام، مهما كانت ذابلة. سنعانقها ونقول لها: “معذرةً على التأخير… لقد كنتِ دائمًا هنا”.