ألم يُقوّي وألم يُثقِل
الألم... شعور مر يجتاح الروح والجسد، يحول الحياة إلى سلسلة من اللحظات الثقيلة، ويخيّم على القلب كظلام دامس. ولكنه، ككل شيء في هذه الحياة، ذو وجهين: وجه يدمر، ووجه يعمر.
هناك ألم يثقل كاهلك، يسلبك قوتك، ويغطّيك بعباءة من اليأس والمعاناة. ألم يشعرُك بضآلة نفسك أمام جبروت الحياة، ويحولك إلى حطام مبعثر، تائه في بحر الحزن بلا شراع ولا مجداف. هو ألم الفقد المؤلم، ألم الخيانة المرّة، ألم الخيبة التي تحرق الروح.
وهناك ألم آخر، ألم يقويك، يصقلك، ويعيد تشكيلك من جديد. ألم يعلمك دروساً قاسية لكنها ضرورية لتنمو وتزهر. هو ألم الفشل الذي يعلمك النهوض، ألم الجرح الذي يعلمك الصبر، ألم التحدي الذي يعلمك الإصرار.
كلا النوعين من الألم مران، كلاهما يترك ندوباً في الروح، لكن أحدهما يخلّف وراءه إنساناً منهكاً مستسلماً، والآخر يخلّف وراءه إنساناً أقوى، أصلب، وأكثر حكمة.
فالألمُ الذي يُثقِلُكَ يُعلّمكَ قيمةَ السعادةِ والراحة، ويُذكّركَ بنعمةِ الأيامِ الخاليةِ من الألم. والألمُ الذي يُقوّيكَ يُعلّمكَ قيمةَ الصبرِ والتحمّل، ويُذكّركَ بأنّكَ أقوى مما تظن.