ميلاد من بين الركام
بعد ليلٍ طويل من العناء والتشتت، حينما ظن الجميع أن الشمل لن يلتئم، وأن ما انكسر لن يجبر، جاء صباح مختلف، صباح كأنما حمل معه وعدًا قديمًا بأن للحياة دائمًا وجهًا آخر.
من بين الركام الذي احتضن الحزن وأخمد النور، بدأت أولى الزهور تخرج خجلى، لكنها عنيدة، تلامس أشعة الشمس وكأنها تعرف أن لكل شيء أوانًا. لم تعد الأرض قاحلة، ولم تبقَ السماء غائمة؛
قطرات من النور تساقطت كأنها دموع فرح، تغسل الندوب وتمنح للروح فرصة للنهضة. البسمة التي هجرت الوجوه، كطائر خائف، عادت. لم تكن تلك العودة سهلة، لكنها كانت صادقة،
وكأنها تخبرنا أن في كل غياب وعدًا باللقاء، وفي كل سقوط حتمية للنهوض. الفرح، الذي طال غيابه، نهض من مرقده، يجر خلفه ألوان الحياة، يرسم بها لوحة جديدة، لوحة تحمل ملامح الماضي،
لكنها مليئة بأمل المستقبل. ها نحن نرى الحياة تدب من جديد، تعيد ترتيب الفوضى، تجمع الأشلاء المتناثرة وتنسجها بخيوط الأمل، فلا يبقى سوى شمس مشرقة، وقلوب تنبض بحب الحياة، كأن الألم لم يكن إلا درسًا، وكأن الانكسار كان مقدمة للنهضة.