في وجه الشدائد، يُولد النور
في لحظات الألم، حين تضيق الأنفاس ويتثاقل القلب بأثقال الحياة، نكتشف حقيقة مخبأة لا تُدركها العيون المطمئنة ولا القلوب المستقرة. فالشدة، تلك النار التي تحرقنا،
ليست سوى المِحكّ الذي يُصقل أرواحنا، ويعيد تشكيلها بنقاء لا يشوبه زيف. قد تبدو الشدائد غيومًا قاتمة تلبّد سماء أيامنا، لكن تحت وطأتها ينهار الوهم وتتجلى حقيقة أنفسنا.
هي اللحظات التي نتعلم فيها كيف نحمل أنفسنا، حين يخذلنا الجميع. فيها نتعلم أن القوة ليست في العضلات، بل في القلب الذي يرفض أن ينكسر، وفي الروح التي تصرّ على النهوض
رغم السقوط. الشدائد تحمل في طياتها أسرارًا دفينة. فهي المدرسة التي نتخرج منها أقوى، وأكثر نضجًا، وأعمق إدراكًا لقيمة الحياة. إنها تدفعنا للبحث عن النور في ظلام أنفسنا،
وتعلمنا أن لكل عتمة نهاية، ولكل ليل فجر يتلوه. وحين نغادر ساحات المعارك التي فرضتها الشدائد، نكتشف أن الندوب التي تركتها ليست سوى شواهد على شجاعتنا.
إنها ذكرى أننا وقفنا في وجه الريح ولم نسقط، بل صمدنا حتى انكسرت الريح على صلابتنا. فالشدة، مهما كانت موجعة، قد تكون هبة خفية. هي تذكير بأننا أعمق مما نظن،
وأقوى مما نخشى. هي القصيدة التي تُكتب بدموعنا، لتصبح شهادة على أن الإنسان، حين يُختبر، يجد داخله ما يدهشه ويُحيي فيه الأمل من جديد.