نافذة على جرح بعيد
في إحدى أمسياتي الهادئة، جلست أمام التلفاز أبحث عن لحظة استرخاء، لكن ما رأيته كان كفيلاً بأن يهزّ كياني. كانت الشاشة تنقل مشاهد من بقعة بعيدة عن عالمي، حيث الألم ليس خبرًا، بل واقعًا يعيش في كل زاوية.
رأيت أطفالًا يركضون وسط ركام المنازل، أعينهم ممتلئة بالخوف، وملابسهم مثقلة بالغبار. رأيت أمًا تحمل بين يديها طفلًا لا يتحرك، وعينيها تغرقان بدموع لا تعرف التوقف. كانت الصرخات تُسمع كأنها آتية من عمق الأرض، تحمل وجعًا يصعب على الكلمات وصفه.
في كل لقطة، كان الألم يتسرب من الشاشة ليخترق قلبي. رأيت الأمهات يبحثن عن أبنائهن تحت الأنقاض، ورأيت رجالًا يرفعون أيديهم إلى السماء طلبًا للرحمة. كان المشهد مزيجًا من الفقد والعجز، وكأن العالم بأسره قد التزم الصمت، وتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم.
حين أغلقت التلفاز، شعرت أن الغرفة أصبحت أضيق، والهواء أثقل. أدركت أن الألم الذي شاهدته ليس مجرد قصة بعيدة، بل جرح عالمي ينزف بصمت. تلك الليلة لم أتمكن من النوم؛ كان المشهد عالقًا في ذهني، يذكرني أن الألم، مهما بدا بعيدًا، يظل قريبًا من إنسانيتنا.