ثلاثية العقول: الجهل، الغفلة، والذكاء" 

يوجد في هذا العالم ثلاث أنواع من الناس، ولكل منهم طريقته الخاصة في مواجهة الحياة وصراعاتها. **الجاهلون** هم أولئك الذين يعيشون بوهم المعرفة، يتحدثون بثقة، وكأنهم قد أحاطوا بكل خبايا الكون، ولكن الحقيقة أنهم مقيدون بقيود من جهل متين، يسدون آفاق عقولهم عن التساؤل والبحث. معرفتهم سطحية، لكنها تكفيهم ليقفوا أمام الآخرين وكأنهم يحملون حكماء الأرض على أكتافهم.

أما **المغفلون**، فهم قلوب تمتلئ بالنية الحسنة، وأذهان تسير بلا أسوار تحميها من الخديعة. يصدقون كل ما يأتيهم، سواء كان حقيقياً أو مزيفاً، لأن طيبتهم تمنعهم من الشك، وتجعلهم فريسة سهلة للكلمات المزخرفة والابتسامات المزيفة. المغفلون يرون العالم بالأبيض فقط، ظناً منهم أن السواد لون لا وجود له عند البشر.

وأخيراً، هناك **الأذكياء** الذين يعيشون في زاوية مختلفة من الحياة. عيونهم مفتوحة، وأذهانهم لا تعرف إلا الشك منهجاً. إنهم يشكون بكل شيء، ليس لأنهم يسخرون من الآخرين بل لأنهم يدركون أن الحقائق مغلفة، وأن الباطن قد يختلف عن الظاهر. ذكاؤهم لعنة ونعمة في ذات الوقت، إذ يقضي عليهم البحث المستمر عن الحقيقة، ولكنهم يجدون في ذلك متعتهم الخاصة.

في النهاية، ما نحن إلا مزيج بين هؤلاء الثلاثة، نعيش في تقاطع دائم بين الجهل، الغفلة، والحكمة. قد نسقط في فخ الجهل أحياناً، ونُخدع بغفلتنا في أحيان أخرى، ولكن إذا ما استطعنا أن ننظر بعين الذكاء للحياة، نكتشف أن الشك، وليس المعرفة أو التصديق الأعمى، هو أول خطوات الوعي.