لعلك بخير

لعلّك بخير... لعلّ هذا النبض الذي تحمله بين ضلوعك ما زال صامدًا رغم كل ما أنهكته الحياة. لعلّ قلبك يجد في زحام الأوجاع لحظة سلام، بعيدًا عن الضجيج الذي اعتاد أن يغرقك. لعلّك بخير... أو على الأقل تُحاول. 

أعلم أن العالم قد أثقل كاهلك، أن الطريق بدا أضيق مما حسبت، وأن الليل بات أطول مما توقعت. أعرف أنك ربما لا تقول الكثير، تخفي خلف صمتك عاصفة لو سمحت لها بالانفجار لكانت الدنيا شاهدة على مرارتك.

لكنني هنا أقولها لك بهدوء: طالما أنت هنا، طالما أنك ما زلت تمشي ولو بخطوات واهنة، فأنت بخير، أو ستصبح كذلك قريبًا، فقط اصبر على نفسك، لعلّك بخير حتى وإن لم تجد الجواب على كل تلك الأسئلة.

التي أرهقت عقلك, ربما الخير لا يكون دائمًا في اليقين، بل في قبول الغموض. دع للأيام فسحتها لكي تُريك ما استعصى على فهمك الآن لا تضغط على روحك كثيرًا، فهي ليست آلة تصمد للأبد... أحيانًا، الراحة.

في أن تستكين ولو للحظة، أن تُغمض عينيك وتهمس لنفسك: كوني بخير، وسأحاول غدًا من جديد لعلّك بخير... فقط لأنك لم تستسلم. لأنك رغم الألم ما زلت تنهض كل يوم, لأنك تبحث عن شعاع خافت يُرشدك في ظلامك.

حتى وإن بدا بعيدًا. هذا البحث وحده دليل على أنك بخير بطريقة ما، وإن كانت خطواتك مثقلة، وإن كانت عيناك ممتلئة بما لا يُقال، أنت تحتاج لأن تُصدق شيئًا واحدًا: أن الخوف، الانكسار، والتعب، كلها مشاعر مؤقتة.

إن وقفت أمام مرآة قلبك وحاولت أن ترى ما بداخلك بصدق، ستلمح ذلك الضوء الصغير هناك، ذلك الذي يرفض أن يخبو مهما قست الأمور, لعلّك بخير لأنك تحمل في أعماقك جذورًا تستمد قوتها من أماكن لا تراها.

لكنها تمدك بحياة جديدة حتى وأنت لا تشعر, لعلّك بخير، أو قد تكون بخير يومًا ما قريبًا. فقط لا تفقد الأمل في ذلك, أحيانًا، كونك بخير لا يعني أن كل شيء كما أردته، بل يكفي أنك هنا.

أنك تحاول، وأنك تُعطي نفسك فرصة لتُعيد جمع شتاتك لعلها رسالةٌ بسيطة... لكنها موجهة إلى قلبك مباشرة: تمسّك بما تبقى، وامنح ذاتك وقتًا, وفي النهاية، ستنجو. لأنك دائمًا كنت أقوى مما كنت تظن.